أكد الدبلوماسي الموريتاني البارز أحمدو ولد عبد الله أن قمة مجموعة الخمس بمنطقة الساحل التي تنعقد غدا في نواكشوط، تتميز بسياق إقليمي ودولي استثنائي يفرضه وباء كوفيد-19، مشيراً إلى أن أمام الزعماء المجتمعين فرصة للخروج من أزمات المنطقة.
وفي مقال بصحيفة “لا تريبين آفريك” إن هذه القمة التي تجمع الحلفاء والشركاء، “لا يمكن أن تكون مجرد اجتماع آخر” مشيراً إلى أن مباحثاتها ستمنح “مساحة محدودة للمطالب الأبدية التي تطرح بشأن الموارد الإضافية، وللعروض الدائمة بتعبئة تمويلات سخية”.
وتنعقد القمة في نواكشوط برئاسة مشتركة بين الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، وتبحث تصاعد الهجمات الإرهابية في الساحل الإفريقي، ومصير قوة عملية “برخان” العسكرية الفرنسية في مالي، ويشارك فيها رؤساء دول تشاد، والنيجر، ومالي، وبوركينافاسو، ورئيس الوزراء الإسباني. كما يشارك فيها عبر الدائرة التلفزيونية رؤساء حكومات ألمانيا وإيطاليا والأمين العام للأمم المتحدة.
خطاب سياسي وقوات محترفة
وأضاف ولد عبد الله أنه من أجل تنشيط العلاقة مع حلفائهم، سيتعين على الرؤساء المجتمعين في نواكشوط التأكيد في نفس الوقت على المجالين المدني والعسكري، “عبر تشجيع خطاب سياسي جامع أكثر فعالية ضد التطرف المسلح من صيحات الحرب التي سرعان ما تتحول إلى مادة للتهكم على الشبكات الاجتماعية” وكذلك “تحويل قوات الأمن إلى قوات محترفة والذي يتطلب تجنيدًا أكثر انفتاحًا وتدريبات متكررة وعلاقة أكثر ودية مع السكان”.
وأشار إلى أن التسلل العدواني لكوفيد-19 إلى المنطقة وخلطه للأولويات الاستراتيجية، يذكرنا بأن الأزمة في المنطقة تعود فعلا إلى ما قبل 2013، معتبرا أنه يمكن لقمة نواكشوط أن تفتح آفاقاً تمكّن جميع الأطراف من تجنب استمرار صراع، ظل بالفعل مستمراً منذ فترة طويلة، ويعود سبب استمراره في جزء كبير منه “إلى عدو لا يعرف بالتأكيد كيف يتفاوض، ولكن القضاء عليه أيضا مهمة شاقة بشكل لا يصدق”.
“الأسوأ قادم”
واعتبر أن التحديات السياسية والعسكرية التي أثارها كوفيد-19 تدعو إلى إحداث نقلة على مستوى دول مجموعة الخمس الساحلية وجيرانها وشركائها الخارجيين الأشد تأثراً، محذراً من أن “التدهور الأمني ينذر بأن الأسوأ قادم إلى منطقة الساحل”.
وينبه الدبلوماسي الموريتاني البارز إلى الضرورة الملحة لحل القضية الأمنية الرئيسية في الساحل وهي في رأيه التمرد في مالي، وذلك في أقرب وقت ممكن. “فقد ظل هذا التمرد طي التجاهل رغم الاتفاقات العديدة التي وقعت لإنهائه عام 1991 وفي يوليو 2006 ومؤخرا في يونيو 2015 في الجزائر العاصمة” كما يقول.
ويرى ولد عبد الله أنه للخروج من الأزمة في المنطقة “يمكن لدول الساحل أن تستلهم واحدة من استراتيجيتين لمكافحة الإرهاب. الأولى اتبعتها روسيا والجزائر ودول الخليج حيث قاد “الأفغان السابقون” ومجندوهم المحليون تمردات شرسة تم القضاء عليها لاحقاً. والثانية هي النموذج الذي اتبعه المجتمع الدولي منذ عام 1991 حتى الآن، في الصومال وأفغانستان واليمن. ولكلتا الإستراتيجيتين تكاليف بشرية، إما كبيرة جدًا أو حتى لا يمكن تحملها. ولكن قرارا حاسما قد اتُخذ”.
لا مفاوضات
وتينبه إلى أن الصعوبة الرئيسية في الخروج من الأزمة تكمن في “العجز الفكري لدى الإرهابيين عن الإيمان بتسوية متفاوض عليها. فرغم الحصار والخسائر البشرية والمادية وفقدان الأراضي، فإن الإسلامويين في الشيشان وطالبان في أفغانستان وحركة الشباب في الصومال وداعش في الموصل، قد استمروا في القتال، إما لسوء التقدير أو بسبب تلقينهم العقائدي. وكانوا يستمرون في خسارة المزيد”، مضيفا: “إن الآثار الضارة لهدفهم المتمثل في الحصول على كل شيء أو لا شيء تجعل المفاوضات بلا طائل”.
ويحذر الكاتب من أن منطقة الساحل “لن تكون استثناء” من هذا الوضع، فالمتشددون “محتجزون فيها كرهائن لماضيهم القتالي، وللآمال المعلقة على عجز حكومات معينة، أضعفها بشكل خاص الفساد الذي وصل إلى مستويات وبائية”.